الاثنين، ٢٠ تشرين الأول ٢٠٠٨

دائرتي

على جدار رسمت فراشة وعلبة تلوين
وأيقظت ساحرة نائمة وأعطيتها غباراً من مكتبتي
وقلت لها أن تنثره أينما مرّت،
وعندما ذهبت تركت لي دائرة. تركتني في دائرة.

هذه دائرتي.
هذه دائرتي.
أنا فيها. أدافع عنها، بأنيابي، بأظافري
إن اقترب منها أحد تطاير الشرر من عيني ووقفت أذنيَّ.

يسيل لعابي أمامها مثل ما يسيل أمام صحن الفريسكيز
وحين ترمي لي عظمة بلاستيكية أهزّ ذيلي وأتمرمغ على الأرض وأدور، أدور في دائرتي وأقفز عالياً ولا أخرج من دائرتي.

وعندما أنهشها أشدّ أكثر من اللزوم لأقتلع قلبي من داخلها وأركض به بعيداً. أبصقه بين ألعابي القديمة:

سرير يصدر صوتاً
خاتم يغتصب أصبعاً
وكتاب يقرأ في الحمام

بعدها يخفت الضوء وتنام الساحرة وتختفي الدائرة وتزول الألوان وتموت الفراشة وتحترق المكتبة و تضيق الدائرة و يبقى الجدار.

الأربعاء، ١٥ تشرين الأول ٢٠٠٨

موت طائر الدوري 1


لن أنتظر،
لن أحاول، سأسقط
بقوّة الفأس
على جسد

***

كلّ الجدران أصبحت هاجساً،
الأزرق لا يحتمل مسامير كثيرة
وجهك جامد لا يتحرك
والإيقاع في كلماتك يخفت مثل مركب يغتصب موجة

***

هذه يدي وهذا جسدك
النشوة معلّقة كتهمة على حبل الغسيل

***

كم كلمة تريدين لتدركي انهيار المعنى
لتدركي موت طائر الدوري
الريش غطاء تابوت
والعشاء الأخير لم يكن خبزاً وماء.

قليل من غابتها في دفاتري


تلمسين وجه الماء لتقولي أن الشعر عادة قديمة
وأنّ البلاد البعيدة هي بلاد بعيدة
وأن الطيور المهاجرة ليست استعارة أو صورة أو معنى
انما هي طيور مهاجرة.

تلمسين الحصى
وترمين على الكتاب ظلاً نرجسياً
وتنظرين الى صورتك
وتلمسين شعرك
وتقولين أنّ الشمس بين الغيوم لا تشعر بالبرد حين ترتجف أوراق الشجر

تلمسين العتمة
لأن العتمة تلتف حول ساقيك
وتسلّمين نهديك للمطر الخجول
وتتحركين ببطء،
صمت ما بعد النشوة يسيطر على كلّ الحواس
ثم بشفتين تستعدان للرحيل تشربين كأس العتمة حتى الثمالة
وتركضين سكرانة بألف نجمة منطفئة صوب النار.
***
الحب قهوة الصباح، سوداء، قليلة الكلام
الحب جسد خارج الجسد وأنفاس دافئة
ويدين وشهقة وشبه صباح لم يشرق.

***

وجدتك يوماً،
كنت نغمة سحرية تتنقل على مفاتيح بيانو
كان المطر يهطل في مخيلتي
كنت تحملين شمسية ملوّنة
كان وجهك يمتلئ بأنوار تنعكس من الخارج

وجدتك يوماً،
كان جسدك يحاول أن يحفظ كلّ الألحان
كان المطر يهطل في مخيلتي،
كنت تنظرين الى الخارج.
***

الأحد، ١٢ تشرين الأول ٢٠٠٨

أشياء لم أقلها

أين أنا في عينيك؟
أين وجهي
أين كلماتي،

أقف أمامك كظلٍّ وأستجدي السماء أن ترسل لي غيمة أختبئ فيها.

أين جدار الوقت لأتكسّر؟ أين كلّ أولائك الناس الذين يتحلّقون حولك ليحترقوا؟
أين جناحيك أيتها الفراشة؟
أين أنت لأبحث في ثنايا ثوبك عن كلّ ما هو أنا. لأحاول أن أرى في كمشة هواء لوناً يشبه أنا وأنت.

أمامك أضعت كثيراً من المعاني،
أضعت شكل الأرجوحة ونصف الوقت
وبقيت مع خواتمك،
تلبسينني شكلاً
وتتركين رأسي يبحث عن مستقبله بين أعشاب تلتهم بشراهة كلّ ما تبقى من ذاكرة القطار المهجور.

أيتها القديسة
أيتها القديسة

دعي صلواتي تمتلئ بالأغنية ذاتها
الأغنية التي تسكن أنفاسي لأرتفع بسقوطي اليك

أيتها الشيطانة
أيتها الشيطانة

دعي الحبر يملأ شرايينك قبل الدم وبعد الشهوة
واستيقظي بجانبي على مهل واشربي قهوتك كما تشربين الوقت.

الليلة سأستعير من نيرودا وسأكسر أقلامي وسأرميها في وجه الطائرة وسأجلس عند حافة البئر لأرى في مرآةالليل صوتك،ونعاسك، وكلّ أسباب صمتي.

الليلة لن أقول أشياء لم أقلها، فقط لو تنسين وجهك في يدي،
تلك اليد، اليد التي أرادت أن تصبح تينة ترمي ثمارها كأرق
أو أن تكون نجمة علّقت بدبوس صغير على حائط السماء الأسود،
تلك اليد أرادت أن تكون دمعة، لتنحدر، لتتدحرج، لتجفّ ثم لتُنسى.




الأربعاء، ٨ تشرين الأول ٢٠٠٨

دعوة الى وليمة صامتة

ادخلي الآن
النوافذ كلّها مفتوحة
ادخلي ولا تقرعي الباب
لا تستأذني أحداً

هنا فمك لا يتكلم، لا يقبّل
فمّك يحرّك الأشياء الجميلة في داخلي
يجعل قلبي ينبض
يجعلني أرى مجدداً أنوثة الرغوة في فنجان قهوة
فمك يرسم بسمتي،

ادخلي الآن
فالنوافذ مفتوحة
والموسيقى تنتظر مرور غيمة لتذهب اليك.

رجل الثلج

في منزلي نافذة لم تعد تحلم
في غرفتي تعيد فراشات الوهم بعض الحقيقة
في سريري روح باردة
في مدينتي يذهب القتلة الى موتهم برداء الشهادة

في رأسي جدار رمادي وثقوب عديدة
في قلبي وحل وشظايا طفولة
في جسدي رجل ثلج:
شاله بني وأبيض
أنفه جزرة
عينيه حبتّي كستناء
والبقية ثلج أحياناً.

في سرير رجل مفكك الأوصال

قرب المقابرالقديمة
شمس دافئة تخترق على مهل أغصان السنديانة،

الرجل الواقف هناك مفكك الأوصال،

قدماه تسبحان في الهواء
شبحه مغروس في آخر التراب،

يتنفس، يتنفس ويبتلع مرارة حزنه
يسقط مراراً
ثم يعود ويقف مفكك الأوصال،
ليذهب وينام في سريره

ويحلم بنصف الزهورالصفراء،
النصف الذي لم تكنسه مكنسة ترسم المغيب بلون واحد.

الاثنين، ٦ تشرين الأول ٢٠٠٨

لا جدّية الجثة.

فأر نافق كريه الرائحة
ينظر بعين تقدح السماء
ويبتلع كلّ الأحياء بلا جدّية جثته.

سبب واحد

واقف مثل ثأر قديم
تتآكله تخيلات حالكة
يشرب دمه الفاسد
ويبصق على الرصيف قطع قلبه الزجاجية.

يبحث عن سبب واحد كي لا يرحل
سبب لا يجده في مكبّ ذاكرته
سبب لا يجده في حقيبة سوداء قديمة.

رمال متحركة

امرأة،
مرآتها.

عطر،
نشوتها.

جنس،
رائحتها.

ماكياج،
أرق، جسدها.

آذان الفجر،
آذان الفجر،

بيروت،
جنس، رائحتها، نشوتها.

افتحي فخذيك لأدخلك كحيوان جائع، ربما كقطار.

رمال متحركة أوّلها شهيق وآخرها عويل.

السبت، ٤ تشرين الأول ٢٠٠٨

من دروس Peter Pan لأخ صغير يكبر.



قالت لي عيناك،


ابتسم يا حبيبي، هناك خلف أشجار السرو عند ساحة الكنيسة قمر يختبئ علينا، حابساً أنفاسه ليركض قبلنا الى الحائط،" ليستملحنا" قبل بقية الأولاد.
قالت لي عيناك،

ابتسم للعلّيق قرب النهر،للتوت البرّي، وانتبه جيّداً فأغصان الجوز خسعة وقد تكسر يدك، انتبه من مرور الوقت وسابقه بأجنحتك الصغيرة صوب السعادة ولاتلمسها بيدك بل افتح لها قلبك كاملاً وحلّق معها عالياً، عالياً.
قالت لي عيناك،
ابتسم للسنابل الخضراء، واركض أسرع من الريح وعلّق طائرة الورق
بأعمدة الكهرباء واعطِ الطفولة حقّها من كرات الوحل واكسر زجاج الكنيسة
واحفظ دروس الزنزلخت في قلبك ولا تتعب عندما يأتي المساء بل اذهب الى كرم العنب
واشعل ناراً وابتسم لها لترقص لك رقصة براءتك.
قالت لي عيناك،
الأرض مستديرة مثل كرة قدم،
البسمة واسعة مثل حكايات أمي،
وأرجوحة عيد العنصرة تطال السماء
فاسرع يا حبيبي، اسرع
واملأ الأرض بسمتك.

الخميس، ٢ تشرين الأول ٢٠٠٨

خذي هذه الكلمة

امضغيها جيّداً، لن تصير جسداً.
تهزّ رأسها كثيراً



كي تغفو الكذبة في عينيها.