الثلاثاء، ٢ حزيران ٢٠٠٩

كنت لا أراني 3

بيروت – دوحة 1 حزيران 09
كنت لا أراني 3
قصيدة اللاشيء.
في السماء غيمة على شكل سفينة وتنين... أجابني في السماء لا شيء... في السماء لا شيء...
من نظراته المليئة سمّاً.
من الضغينة في كلّ مفاصل الكلام. من غضب يولد في رئتيها. من رحيل سهل. أسهل من حضور الراحلين. من كلام يمتلأ غضباً. من غصّة غير مكتملة. من زهر ليمون على طرف ذاكرة مدينة رمادية.
من بكاء يبتلع نفسه ليلفظ موجة غضب . من غضب يبتلع سيارات الأجرة ويلفظها في منفضة. من سنوات طفل ترتسم دماً وقمراً وخبثاً وماء على شرشف أبيض. من شمس تشقّ المساء بسكين النعاس. من شمس تشقّ المساء فوق حدود ضوئها. من بكاء. من سحر.من لاشيء. من كلّ قصائد اللاشيء.
من زهر من ورد من حوض حجر مكسور يضمّ المساء. من بكاء. من سحر. من صورة تجترّ نفسها. من صورة عاهرة تمرّ على كلّ القصائد قبل أن تنام. من أجراس الكنائس ومآذن بيروت. من بيروت العاهرات والشمس. من جميع العذارى قرابين على مذبح السكر. من العذارى أو ما تبقى من ذاكرة أولاد لم يرثوا إلاّ الذاكرة. من وجوه تترادف. من بكاء. من سحر. من لاشيء. من كلّ قصائد اللاشيء.
...
لحظة صمت.
...
للموت الإرادي حتماً.
لربطة العنق الظريفة. للمشنقة المؤجلة.
للحمقى لأنهّم مشاريع شعراء.
للمدن لأنّها إنعكاس نور.
...
من أسماء جميلة لوجوه قبيحة. لشفتين تسترقان الصلاة. من غضب يولد في رئتيها. من قصيدّة تفكك معاني نفسها قبل أن تنام. من جسد يغتصبك بالشهوة. من القادم من عمر يمرّ كوجبة سريعة. من أوراق شاعر يسقط في مستنقعات كلامه. من بيروت القادمة على أجنح فراشة. من حديد الجنود. من نشيد الحديد والبرد. من قساوة الطيّبين. من ما تبقى. من لاشيء. من إلتصاق شفتيه بقليل من لعابه. من كلامه اللامفيد ككثير من اللاشيء.
من السهل. حيث القلب في الشرق دوماً خلف الشمس القاسية. خلف رزمة قمح تختبئ فيها أفعى الوهم. من الأفعى الشقراء. من الوزاّل الأخضر على خيمة جدّي. من غضب يولد في رئتيه. من قبعة القش. من انكسار الرجل. من قبر يغصّ بذاكرة يبتلعها. من جبين جنود الإنتداب. من البيت الزهري ومحطّة القطار. من الجندي السوري وأكواب الشاي الكثيرة. من وطن ينزف سلاماً من أخمص قدميه من لسعة خيزران السلام. من تبّاً لألف سلام قادم. من تبّاً لسلاح مقاوم وسلاح مغتصب وسلاح شريف وسلاح مقدّس وسلاح عاهر وسلاح شرعّي ومن سلاح دولة ومن سلاح مؤقت ومن سلاح مسلّح من سلاح ينزف سلاماً من أخمص قدميه. من تبّاً للسلاح. من بكاء. من سحر. من قرف من وجع من وجه من قانا إلى جرّة نبيذ منسية من جرّة دم أطفال بيت لحم من "ستيك" سميكة لشارون في غيبوبته الطويلة. من ملايين خضراء في برد قبر أبو عمّار البطل. من ألف كلمة كفر من كفر مستمر من فلسطين المحتلّة من ويلات العرب من مأساة شخصية لعرب كلّهم مأساة. من سلام ينزف كلاماً من كلام ينتهي. من كلام يعيد حبيبتي إلى فضائي لأنساها كمفردات غريبة من صديقتي صاحبة النهد الأشقر من أندلس في نهدها من كليشيهات العرب بدءاً بالمتنبي وانتهاء عند خصيتي. من رجولتي أو ما تبقى من شرقيتي إلى الغرب المخصّي بالرقّي والتطوّر. قصيدة واحدة. قصيدة اللاشيء.

الخميس، ٤ كانون الأول ٢٠٠٨

مستلقية على جنبها مثل موجة في لحظة ارتقاء
عريها طبيعة الرجل وماء الإمرأة
عريها جلد يخرج من تحت جلدها ليصبح الهواء من حولي
ليشقّ البحر،
عريها ذوبان الثلج ببطء،
رعشة، صرخة، نشوة في جدار السماء
نجمة يغصّ نورها لتتفجّر شمساً في فمي قبل أن تنطفئ.

الثلاثاء، ٢ كانون الأول ٢٠٠٨

لا تذهب، خذ معك جسداً تفتت
خذ زهر حديقتنا
ارسم له صيفاً آخر
ارسل شوارعك ناحية القلب عندما تضيع عناوينك .
استبِق ضجراً يجرّد الأحاسيس من ألوانها، فهنا تذبُل وتُنسى في إنائك
وتختفي الأجنحة الزرقاء، وتستيقظ الأميرة النائمة قبل وصولك.

لا تذهب، خذ معك فنجان القهوة، الفنجان "الشفة"
خذ طاولة المطبخ واسأل أمّك عن زيتون الموسم الجديد:
" هل ما زال حدّاً؟ هل ما زال ينتظر؟ "
اترك وجهك المتعب في المرآة، اترك صلاتك على فلتر سيكارة
امشِ وحولك ما تريد، كيس كلل، فردة حلق، أبيض من بشرتها، رعشة برد قبل المرض.

لا تذهب، خذ معك قصائد لا قيمة لها،
خذ ولداً يركض خلف ظلّه، خذ سيفاً من دفاتر العرب وافتح في السماء كوّة صغيرة ليتبدّل الهواء.
دندن أغانٍ يحبّها الحب،
دندن أغانٍ تحبّها أنت،
دندن أغانٍ تأخذها معك.

لا تذهب،
خذ هروبك الدائم معك،
غبارك، وليمتك، حبيبتك،
ولا تترك أثراً لمرورك، حركتك البطيئة
إيقاعك البطيء
كلل يديك بالغار واقتحم أبواب الجنّة
أرفسها وادخل، لا تستأذن حامل المفاتيح، لا تستأذن أحداً.

لا تذهب، خذ معك وجعاً، علّقه كمعطف عندما تصل،
ألقِ سلاماً بارداً في بيت النار
وراقب أبا النواس يكسّر الأنوار في كؤوس النبيذ، ولا تخف فالأرض تنتهي خلف أسوار سجنك.

لا تذهب، خذ معك عاصفة تتكسّر خلف الباب،
خذ معك كمشة حزن، ضعها في جيبك، ولا تذرف دمعة واحدة قبل أن تصل إلى سريرك.
تذكّر كيف كنت تركع في هذا السرير لتلقي سلام على مريم، لترسل لها قبلة قبل أن تنام،
تذكّر أنّك كنت تنام، ضع وجهك تحت المخدّة وتذكّر الدفء، تذكّر وأنت ذاهب صابون الحلاقة على شاربي والدك، جريدة الصباح،"عروسة" الزعتر، رائحة الملعب،
تذكّر لتبتسم أو لتدمع لا فرق ما دمت تنسى فالطفولة أصبحت لعنة الذاهبين.

لا تذهب، خذ معك أنفاسك المتقطعة،
خذ رمل المكان وانثره مثل سحرٍ على وجوه الغائبين
قبّل يديها وأنت تشمّها ملء الهواء، قبّل يديها لترسم لك شفتيك، قبّلها.

في إحدى الزوايا المظلمة رجل يبحث عن جانحيه، امرأة تداوي جرحها بالبكاء.
في إحدى الزوايا المظلمة رجل يسقط من جنّته مراراً، امرأة تروي ذاكرتها بالبكاء.
في إحدى الزوايا المظلمة تنمو الكلمات مالحة.




يجتاحني جسدك
يلتصق بي، يصنع مني فكرة،
يأخذني جسداً ويرميني نشوة

يجتاحني جسدك بالدفء، بشفة أعضّ عليها، يجتاحني بالرؤى

يتكرر الجنس كالكلام، كطعم الندى، كقهوة الصباح

يجتاحني جسدك بالشهوة، الشهوة المتصاعدة إلى حدّ الاختناق،
لألمس نهديك بفمي
لألمس فمك بطرف أصابعي
لألمس يدك بوجهي.

يجتاحني جسدك مثل هذيان، يجتاحني مثل بداية الخلق
يجتاحني جسدك بقداسة الجنس الذي يولّده.

الأربعاء، ١٩ تشرين الثاني ٢٠٠٨

ثوبها الأسود يرسم على مهل حدود الصمت بين كلمات كثيرة
بين عينان تحملان خريفاً وبين غدٍ يتأرجح حول فراغ الرحيل.
ثوبها الأسود وحيد عند جسدها مثل إناء زهر
روح شاردة ولا لقاءات تعيدها الجنيات المسافرة
ثوبها الأسود وهج من كؤوس من فراغ من كلام
من حديقة من أسوار من ما خلف الأسوار
من الموسيقى
ثوبها الأسود
ظلمة تتمرّد على الجسد فتعانقه وتلتّف حوله وتصبحه
وتمطره وتعيده وتأخذه وتلغّزه
ثوبها لغز جسدها
ثوبها الأسود خصوصية مستباحة،
دفء في عروق المطر،
نعاسها، لمسة يدها، طعم الكرز في رائحتها.

ثوبها الأسود مرور كلّ أسراب الغيم فوق نعاس المدينة
دعوة صامتة، مليئة صمتاً،

دعوة بين حالة الجسد ويقظة الروح وإغماضة العينين.

الأحد، ٢ تشرين الثاني ٢٠٠٨

الاثنين، ٢٠ تشرين الأول ٢٠٠٨

دائرتي

على جدار رسمت فراشة وعلبة تلوين
وأيقظت ساحرة نائمة وأعطيتها غباراً من مكتبتي
وقلت لها أن تنثره أينما مرّت،
وعندما ذهبت تركت لي دائرة. تركتني في دائرة.

هذه دائرتي.
هذه دائرتي.
أنا فيها. أدافع عنها، بأنيابي، بأظافري
إن اقترب منها أحد تطاير الشرر من عيني ووقفت أذنيَّ.

يسيل لعابي أمامها مثل ما يسيل أمام صحن الفريسكيز
وحين ترمي لي عظمة بلاستيكية أهزّ ذيلي وأتمرمغ على الأرض وأدور، أدور في دائرتي وأقفز عالياً ولا أخرج من دائرتي.

وعندما أنهشها أشدّ أكثر من اللزوم لأقتلع قلبي من داخلها وأركض به بعيداً. أبصقه بين ألعابي القديمة:

سرير يصدر صوتاً
خاتم يغتصب أصبعاً
وكتاب يقرأ في الحمام

بعدها يخفت الضوء وتنام الساحرة وتختفي الدائرة وتزول الألوان وتموت الفراشة وتحترق المكتبة و تضيق الدائرة و يبقى الجدار.

الأربعاء، ١٥ تشرين الأول ٢٠٠٨

موت طائر الدوري 1


لن أنتظر،
لن أحاول، سأسقط
بقوّة الفأس
على جسد

***

كلّ الجدران أصبحت هاجساً،
الأزرق لا يحتمل مسامير كثيرة
وجهك جامد لا يتحرك
والإيقاع في كلماتك يخفت مثل مركب يغتصب موجة

***

هذه يدي وهذا جسدك
النشوة معلّقة كتهمة على حبل الغسيل

***

كم كلمة تريدين لتدركي انهيار المعنى
لتدركي موت طائر الدوري
الريش غطاء تابوت
والعشاء الأخير لم يكن خبزاً وماء.

قليل من غابتها في دفاتري


تلمسين وجه الماء لتقولي أن الشعر عادة قديمة
وأنّ البلاد البعيدة هي بلاد بعيدة
وأن الطيور المهاجرة ليست استعارة أو صورة أو معنى
انما هي طيور مهاجرة.

تلمسين الحصى
وترمين على الكتاب ظلاً نرجسياً
وتنظرين الى صورتك
وتلمسين شعرك
وتقولين أنّ الشمس بين الغيوم لا تشعر بالبرد حين ترتجف أوراق الشجر

تلمسين العتمة
لأن العتمة تلتف حول ساقيك
وتسلّمين نهديك للمطر الخجول
وتتحركين ببطء،
صمت ما بعد النشوة يسيطر على كلّ الحواس
ثم بشفتين تستعدان للرحيل تشربين كأس العتمة حتى الثمالة
وتركضين سكرانة بألف نجمة منطفئة صوب النار.
***
الحب قهوة الصباح، سوداء، قليلة الكلام
الحب جسد خارج الجسد وأنفاس دافئة
ويدين وشهقة وشبه صباح لم يشرق.

***

وجدتك يوماً،
كنت نغمة سحرية تتنقل على مفاتيح بيانو
كان المطر يهطل في مخيلتي
كنت تحملين شمسية ملوّنة
كان وجهك يمتلئ بأنوار تنعكس من الخارج

وجدتك يوماً،
كان جسدك يحاول أن يحفظ كلّ الألحان
كان المطر يهطل في مخيلتي،
كنت تنظرين الى الخارج.
***

الأحد، ١٢ تشرين الأول ٢٠٠٨

أشياء لم أقلها

أين أنا في عينيك؟
أين وجهي
أين كلماتي،

أقف أمامك كظلٍّ وأستجدي السماء أن ترسل لي غيمة أختبئ فيها.

أين جدار الوقت لأتكسّر؟ أين كلّ أولائك الناس الذين يتحلّقون حولك ليحترقوا؟
أين جناحيك أيتها الفراشة؟
أين أنت لأبحث في ثنايا ثوبك عن كلّ ما هو أنا. لأحاول أن أرى في كمشة هواء لوناً يشبه أنا وأنت.

أمامك أضعت كثيراً من المعاني،
أضعت شكل الأرجوحة ونصف الوقت
وبقيت مع خواتمك،
تلبسينني شكلاً
وتتركين رأسي يبحث عن مستقبله بين أعشاب تلتهم بشراهة كلّ ما تبقى من ذاكرة القطار المهجور.

أيتها القديسة
أيتها القديسة

دعي صلواتي تمتلئ بالأغنية ذاتها
الأغنية التي تسكن أنفاسي لأرتفع بسقوطي اليك

أيتها الشيطانة
أيتها الشيطانة

دعي الحبر يملأ شرايينك قبل الدم وبعد الشهوة
واستيقظي بجانبي على مهل واشربي قهوتك كما تشربين الوقت.

الليلة سأستعير من نيرودا وسأكسر أقلامي وسأرميها في وجه الطائرة وسأجلس عند حافة البئر لأرى في مرآةالليل صوتك،ونعاسك، وكلّ أسباب صمتي.

الليلة لن أقول أشياء لم أقلها، فقط لو تنسين وجهك في يدي،
تلك اليد، اليد التي أرادت أن تصبح تينة ترمي ثمارها كأرق
أو أن تكون نجمة علّقت بدبوس صغير على حائط السماء الأسود،
تلك اليد أرادت أن تكون دمعة، لتنحدر، لتتدحرج، لتجفّ ثم لتُنسى.




الأربعاء، ٨ تشرين الأول ٢٠٠٨

دعوة الى وليمة صامتة

ادخلي الآن
النوافذ كلّها مفتوحة
ادخلي ولا تقرعي الباب
لا تستأذني أحداً

هنا فمك لا يتكلم، لا يقبّل
فمّك يحرّك الأشياء الجميلة في داخلي
يجعل قلبي ينبض
يجعلني أرى مجدداً أنوثة الرغوة في فنجان قهوة
فمك يرسم بسمتي،

ادخلي الآن
فالنوافذ مفتوحة
والموسيقى تنتظر مرور غيمة لتذهب اليك.

رجل الثلج

في منزلي نافذة لم تعد تحلم
في غرفتي تعيد فراشات الوهم بعض الحقيقة
في سريري روح باردة
في مدينتي يذهب القتلة الى موتهم برداء الشهادة

في رأسي جدار رمادي وثقوب عديدة
في قلبي وحل وشظايا طفولة
في جسدي رجل ثلج:
شاله بني وأبيض
أنفه جزرة
عينيه حبتّي كستناء
والبقية ثلج أحياناً.

في سرير رجل مفكك الأوصال

قرب المقابرالقديمة
شمس دافئة تخترق على مهل أغصان السنديانة،

الرجل الواقف هناك مفكك الأوصال،

قدماه تسبحان في الهواء
شبحه مغروس في آخر التراب،

يتنفس، يتنفس ويبتلع مرارة حزنه
يسقط مراراً
ثم يعود ويقف مفكك الأوصال،
ليذهب وينام في سريره

ويحلم بنصف الزهورالصفراء،
النصف الذي لم تكنسه مكنسة ترسم المغيب بلون واحد.

الاثنين، ٦ تشرين الأول ٢٠٠٨

لا جدّية الجثة.

فأر نافق كريه الرائحة
ينظر بعين تقدح السماء
ويبتلع كلّ الأحياء بلا جدّية جثته.

سبب واحد

واقف مثل ثأر قديم
تتآكله تخيلات حالكة
يشرب دمه الفاسد
ويبصق على الرصيف قطع قلبه الزجاجية.

يبحث عن سبب واحد كي لا يرحل
سبب لا يجده في مكبّ ذاكرته
سبب لا يجده في حقيبة سوداء قديمة.

رمال متحركة

امرأة،
مرآتها.

عطر،
نشوتها.

جنس،
رائحتها.

ماكياج،
أرق، جسدها.

آذان الفجر،
آذان الفجر،

بيروت،
جنس، رائحتها، نشوتها.

افتحي فخذيك لأدخلك كحيوان جائع، ربما كقطار.

رمال متحركة أوّلها شهيق وآخرها عويل.

السبت، ٤ تشرين الأول ٢٠٠٨

من دروس Peter Pan لأخ صغير يكبر.



قالت لي عيناك،


ابتسم يا حبيبي، هناك خلف أشجار السرو عند ساحة الكنيسة قمر يختبئ علينا، حابساً أنفاسه ليركض قبلنا الى الحائط،" ليستملحنا" قبل بقية الأولاد.
قالت لي عيناك،

ابتسم للعلّيق قرب النهر،للتوت البرّي، وانتبه جيّداً فأغصان الجوز خسعة وقد تكسر يدك، انتبه من مرور الوقت وسابقه بأجنحتك الصغيرة صوب السعادة ولاتلمسها بيدك بل افتح لها قلبك كاملاً وحلّق معها عالياً، عالياً.
قالت لي عيناك،
ابتسم للسنابل الخضراء، واركض أسرع من الريح وعلّق طائرة الورق
بأعمدة الكهرباء واعطِ الطفولة حقّها من كرات الوحل واكسر زجاج الكنيسة
واحفظ دروس الزنزلخت في قلبك ولا تتعب عندما يأتي المساء بل اذهب الى كرم العنب
واشعل ناراً وابتسم لها لترقص لك رقصة براءتك.
قالت لي عيناك،
الأرض مستديرة مثل كرة قدم،
البسمة واسعة مثل حكايات أمي،
وأرجوحة عيد العنصرة تطال السماء
فاسرع يا حبيبي، اسرع
واملأ الأرض بسمتك.

الخميس، ٢ تشرين الأول ٢٠٠٨

خذي هذه الكلمة

امضغيها جيّداً، لن تصير جسداً.
تهزّ رأسها كثيراً



كي تغفو الكذبة في عينيها.

الأحد، ٢٨ أيلول ٢٠٠٨

الموج

تكسّر أمام نفسك،

تكسّر كبداية الخلق

ولا تعد ذكر الأسماء المنسية،


ولا تذرف الدموع كأنّها مقدسة،


كأنّها كاملة،


وارتفع،


ارتفع أكثر


ارتفع كغضب والتقط حبال السماء


وشدّها نزولاً كي تقرع الأجراس


كي تقرع طبول الفرح،



وارتفع.


وتعملَق،


تعملق بقلقٍ يسكن رأسك


تعملق وامسك الريح من عنقها


واخنقها برائحة الأرق في أنفاسك،

وتعملق.


وتفجّر،


تفجّر كبكاء بعد الهجر،


وارجم طفولتك بالحجارة،

وكسّر نوافذ الذاكرة ليتوقف هذيانك،



وتفجّر بشياطين غموضك،

تفجّر،

وابتلع،

ابتلع مرارة الأسود تحت عينيها

ابتلع شفرة أولى خطاياك

ولاتذبح نفسك قبل أن يستيقظ جنونك كاملاً،

جنونك صراخ العاهرات في ضوء النهار

جنونك عينيك،

جنونك يديك،

جنونك آخر الأزرق وأوّل الأسود

وابتلع جنون حزنك،

ابتلع،

وتوقف،

توقف قبل أن تدرك أنّ رائحة عطرها على يديك هي نفسها رائحة جثتك

توقف في ذروة الحركة،

في تطاير الرذاذ

في التحام السماء بمرآتها

ولا تسلم الروح

بل خذني كوجع آخر تحمله في أبيضك

وتكسّر.

الجمعة، ٢٦ أيلول ٢٠٠٨

على رصيف المقهى الميّت -(محاولة رقم 2)

وصل الشتاء يا قلبي الحزين،

وصل الشتاء،



فلا تخف من تفتح الذاكرة



لا تخف من غيمة تحمل أسباب وجودك،



ولا تكن غيمةً

كن ماءً



كن كلاماً يعيده الشتاء كلّ ما وصل الى رصيف المقهى الميّت،



ولا تخف.



وصل الشتاء يا قلبي الحزين

وصل الشتاء،



أحلامك تطفو كأسماك نافقة على وجه البحر



أصدقاؤك الحالمون أيضاً ماتوا، ابتلعتهم أنوار مدن أخرى



وأنت ما زلت تبصق الرمل على رصيف المقهى الميّت،



فلا تكن رصيفاً،

كن وحلاً

كن كلاماً تعيده خطى المارة المسرعة كلّ ما وصل الشتاء فجأة.


وصل شتاء حزين،

لا تمتلأ غضباً،

أبوابك تشلّعها رياح المخيّلة

الوجه في الزاوية قرب النار

النار تتنفس وتبتلع يدك،

فلا تدع الفراشة تهرب من موتها،

ولا تكن قدراً،

كن ألوانها على أصابعك، وكن كلامها كلّما وصل الشتاء مبكراً.


وصل شتاء،

وصل حاملاً سريرك

وأكفان بيضاء كثيرة،

وصل ليجلس قربك، ليراقب حركاتك اللاارادية، ليرى شهقة البكاء

وصل شتاء يا قلبي الحزين،

وصل ليستلهم منك مطره،

وصل ليبحث عن مفرداته،

فلا تكن غربة،

ولا تكن نقمة،

ولا تكن وجعاً،

كن رسالة يحملها الشتاء الى سكارى رصيف المقهى الميّت،


وصل هذا الشتاء،

أعطه خبزاً وزيتاً

أعطه زبيباً و تيناً مطبوخاً

ولا تبحث عن وجوه أعدائك

ولا تلاحق قصصاً بالية،

ولا تسأل ماذا حصل

بل تفتّح كسكين يغرس في صدرك

وابتسم

لا للألم بل لخروج الماء والدم

ولا تكن وجهك

كن وصول الشتاء بهمس، بخجل، بخفة على رصيف المقهى الميّت.

كن وصول الشتاء.


الثلاثاء، ٢٣ أيلول ٢٠٠٨

على رصيف المقهى الميّت

وصل الشتاء يا قلبي الحزين،

وصلت مرآة نفسك الرمادية فلا تهرب من وجعك، لا تهرب من تفتح الجرح

رائحة التراب تبعث الذاكرة الى حاضر يرتفع كشهقة

وتجتاح صورة المقهى الميّت كلّ سيارات الأجرة والفناجين والكؤوس



الفتاة الفرنسية مازالت تنتظرني حاملة بطاقتي مسرح

صديقي يرسم وجهي بالـPastel،

ينثر الغبار مجرّة،

ينثرها قصيدة خجولة مثل أحلامنا المتمردة نكتبها سوّياً على رصيف المقهى الميّت.



على الحافة نسيت وجهي حين قالت: أراك المكان وأرى في فمك قمر.

كانت سمائي أوسع، كان لي سماء


وصل الشتاء يا قلبي الحزين،

فلا تخف من دموع تغسل حاضرك

الفتاة قرب النهر تغمض عينيها الدامعتين،

بيروتك تشقّ السماء،

بيروتك تفتح يدها لتلتقط قطرات المطر.

وصل الشتاء،

كانت ترتجف في الزاوية،

كانت تحمل في يدها شتاء وتخاف عليه أن يهرب، كانت تلاعب الولد السوداني مثل غيمة،

كان الـPastel يتناثر مثل مجرّة،

كان الشتاء يصل أولاً على رصيف المقهى الميّت.



الثلاثاء، ١٦ أيلول ٢٠٠٨

المهرّج

ألوان أمسحها كدمعة بعرض ابتسامة،
ألوان وألوان

في جسدي بقايا رجل: ركام وغصة تقاتل السكر
في جسدي ألوان وألوان

"أنا المهرّج دعيني أنتظر تحت شرفتك لتعودي من الغابة
أنا المهرّج دعيني أبتسم ابتسامتي البلهاء ليسيل لعابي على مقبرة أحلامي، على أسناني الصفراء، على رائحة الويسكي التي تكرهين،على فلانية وفلان
فأنا المهرج وما الفرق بين ألوان وألوان..." صاح المهرّج.

بهستيرية كان يكرر لنفسه كلّ ما قالت له عن نفسه، يكرر ثم يعود وينكر ثم يؤكد وينسى ويروح ويجيء ويبرد ويصرخ...لا ليس للمهرج جرح في الذاكرة، لا ليس للمهرج ذاكرة.

اعطني حزنكِ لأصلبه على أعلى برج في المدينة، علّ بسمتي تسقط في بؤرة الألوان الآسنة، وتنتهي معجزة المهرّج الملعون.سينظر الحزن من على صليبه الى جبل آخر ويرى كلّ الأنبياء الذين سبقوه الى وجهك.

تريدين أن تضحكي: خذي هذه قدمي وهاتان شفتّي...قبليّهما جيّداً واركليني بنفسي.

أنا العاهرة، قالت العاهرة للمهرّج، وأنت من تكون؟
قال أنا عاهرة وجعي وقهقه ببلاهة ووجع.

الخميس، ١١ أيلول ٢٠٠٨

وجوه ليست كوجهك

وجوه قاتمة من كثرة الشهوة

وجوه دافئة من كثرة الوجع

وجوه فارغة من كثرة السكر

وجوه تائهة من كثرة الأحلام

وجوه هائمة من كثرة الموت

وجوه ساحرة من كثرة الحزن

وجوه غافية من كثرة الأرق

وجوه منتشية من كثرة النفاق

وجوه شاحبة من كثرة الوهم

وجوه غامضة من كثرة الوضوح

وجوه بلاستيكية من كثرة الجفاف

وجوه متشابهة

وجوه ليست كوجهكِ

وجوه لا يلفّها غيم،

وجوه لا تصنع مطراً دافئاً

وجوه لاتصنع راحة يدي

وجوه لا تفتح جرحي لأرى وجهك

وجوه لا ينمو فيها الحزن

وجوه متشابهة

وجوه ليست كوجهكِ.

الثلاثاء، ٩ أيلول ٢٠٠٨

الغابة

تتعرّى الأشجار قرب النهر بخجلٍ
تتعرّى الأشجار
قرب النهر الحزين
قرب عينيك يا حبيبتي
يا حبّة البَرَد
يا طعم الشتاء

يتماسك الصمت كي لا يفلت من فمه بعض الكلام
يتماسك الصمت،
يتلحّف برائحة التراب،
يتلحّف بماء يمسّ كجنون أطراف قدميك،
يتماسك الصمت كي لا يقول لك حبيبتي


ترسم الجنّيات ليلاً للقمرمساره:
اذهب وامتلأ من أجنحة فراشة
واسكر من مرارة حزنها،
اذهب كما أنت اليها،
اذهب وعد كما كنت قبلها، قمراً يكتمل.

الجمعة، ٥ أيلول ٢٠٠٨

لا حاجة لإثبات شيء

لا حاجة لإثبات شيء

فالعاهرات عاهرات

والمدينة مدينة

والسماء زرقاء

والشمس كتلة غازات مشتعلة


وأنت لن تعودي.

الثلاثاء، ٢ أيلول ٢٠٠٨

لم يكن لها عطر، كانت قد نسيت رائحتها على مخدّة رجل آخر.

أليل في فمي أم علبة قدر؟

وَجَدتُها تجدني.
وجدت يدها في يدي.
وجدت نفسي خارجاً من ظلمة ليلٍ في فمي، وكنت أضحك.

الاثنين، ١ أيلول ٢٠٠٨

الأيقونة

الايقونة عند يدي تزهر براعم رمان وتنتقي الريح مني ما تشاء لتجعل مرور السحابة الجريحة ارّق مثل هطول المطر ليلة كانت كل المدينة غافية .
قليل من الزمن الاخير يجتاحني ويولد عند اطرافي اسبابا ً كثيرة للغرق في متاهة حائط الورق البدائي .

لا شيء مثل عتبات المنازل القديمة يحفظ الحكايات التي رحلت الا موت يراقب تفاصيل رعشة جنسية .
ولا فرق بين الالهة ،
ولا جسد يمتلكه النضوج مثل تين ايلول ،
ولا حديث يواكب حديثا ً عند مفترق الصدى .

على جبلي كان طائر كبير يرمي ظله ، ويرسم الفراغ دوائر كثيرة وكان العرب يتخيّلون رموزا ً للارقام .

على جبلي كان مزارعو التبغ يجففون اوراقهم ويكتبون عليها برائحة الصندل روايات كثيرة عن اشكال الغيم .
على جبلي كان المسيح ينظر بحزن من على صليبه الى كل ما رحل منه، وكانت طعنة في الخاصرة تعيد جدولة مواعيد القدر .
وكانت امي طفلة تنتظر بزوغ الفجر على المرجة الخضراء .

الضوء ينفجر في كل قنينة اخيرة ،
وتسكت كل الاطياف في جسدي لتعيد الموسيقى صوب نجمة تمرّدت على نورها لتختصر مسافة الابدية .
ولا اجد قربي سوى طيف يفرط الجوز بعصى مكسورة .
زمن يجترّ اطرافه ويشرب كثيرا ً ولا ينسى وجعه .
تعبق في كل التاريخ رائحة جثث تحنّطها الذاكرة والدم الناشف ما زال على ثوبي وما زالت ابجديتي تحاول صياغة دقائق الصمت .



سأشرب كأس فتاة الهوى التي رسمت على ظهري فراشة وسأطلق سراح الفراشة .

كل ثانية تسقط عن الليل قناعا ً آخر والرماد يتحول ربيعا ً في جفاف شراييني ، غبار لابدية زرقاء وجسد يعشق النور،
ستحملنا الاوهام مرّة اخرى مثل ما حملت البحر صوب القصيدة وسأعيد تلحين حقيقي علّني احيا .

على جبلي كان ظلّ وحيد يفترش احدى زوايا النور الكثيرة .
وكان العرب يرسمون في الغيم اشرعة العودة من اندلس اخير
على جبلي كان المسيح قد رحل كاملا ً .
وكان الفجر يعود في حضن امّي .
حين ترحلين,
خذي معك باقة الورد,
تدثري جيِّداً فلا يفاجئك الصقيع,
ولا تنسي تذكرة السفر صوب نفسك...
كلفتنا حياة تذكرة السفر.

خذي عريك عن فمي
و أشكال الغيم من جسدينا.

خذي الجنس كاملاً
....سينحت بيَّ الشتاء رؤىً تحوِّل النساء إلى رؤى.

حين ترحلين,
ضمّي باقة الورد جيِّداً,
و اتركي أيامنا حيث هي تعيد نفسها لنفسها.

خذي إن أردت حياتي...
تبقى لي كثيرٌ من أحاديثك لأحياها.
و لا تأخذي قصائدي
دعيها تتفتت في جدران الزمن لتعودي.

خذي الرماد معك
تنثرينني إن شئت فوق البحر,
ترددين لحن الفراق حتى النسيان.


خذي فصولي
يلزمك في الطريق ربيع يسقط فيه المطر,
واصنعي من الباقي عصفوراً يتوه فوق الصلاة
أو روحاً تحمل أحلامك مثل النور في الموسيقى.

حين ترحلين,
أسرعي فلا تذبل وردة في الباقة,
أسرعي,
اتركي لي القصَّة لأروي فيء السنديانة
اتركي لي المسافة بين توأمي الشتاء لأصلّي
اتركي لي بعض دمي لأرسم وجهي,
لأرسمك ترحلين.


خذي الدفء مراراً, النشوة التي استفاقت في كلِّ يدي.
خذي أسراري و ركبيها رجلاً مبعثراً بين أسوار الحنين و بين غدٍ يموت حين تغمضين عينيك و يحيا حين تأخذينه و انت ترحلين.

قصيدتي الباكية

هي للقمر،
من زمن طارت بي اشعلت ليلا ً .
ذرفتها كدمعة مرّة كاملة
هي للقمر قصيدتي الباكية .

الشتــاء ،
ربما لا تسعمه
ربما لا يسمعها
يدندن اغنيتها في وسط الحديقة
يرسم الخريف بلون واحد
ربما لا تسمعه
هكذا، بهدوء تهمس همسا ً
قصيدتي الباكية

تنظر في وسطه عاريا ً كالثلج
خائفا ً ،
يرتعش على دفاتر المطر
ثم كأنها لم تكن
تهبّ مع رطوبة الحنين
طعنة واحدة في الخاصرة
تكفي لنزول الثلج

قالت لي عني : " هكذا سقط ملاك آخر "
كما اردت ان اولد مرة اخرى
لاعيد خطيئتي
لاعيد الندم
ولكي احيا كل ما حييت
ولانسى التفاصيل كما نسيتها
مرّة اخرى جلست وقرأت صورا ً تنطلق مسرعة :
" انامل على الفم
الشهقة والسحر
وموت الالحان
اللحظة والرقصة
والنوم الهنيء
الفرحة والضحكة
والرحيل ".

المساء ،
يلازمني ضوء خافت يبكي لقصيدتي
يمرّ السحر بجانبي ولا يلقي التحية
يمرّ زمن قبل ان احيا في جسدي نفسه
حياة جديدة .

المطر يهطل بغزارة
وكل ما اراه يغتسل او يبكي
ربما يهمس للغيم رؤى راودته
ربما يسرد كلّ ما رأيت .

هي للقمر ولي طرق في كل شتاء
ولي حافة فوق كل مدينة
وقنينة في كل حانة
واغنية في كل قصيدة
ولي دمعة واحدة
دمعة دون ان انظر
دون ان ارى

سلام

سلامٌ

سلامٌ
يرّف النور صداه
و يرسلني فيك ِ باقة أقحوان

سلام
يولد قطرة نار في كفِّ عشتروت
على ضفَّةِ البكاء

سلام
هذا السيف الغائب
هذا عمر فراشة

سلام
هذا الهٌ طائش
هذا انفصال جسدينا

سلام
في كمشة السلام هذه
رعشة و صعتر برّي و رائحة فرج

سلام
القمر كفني
غلال السهل و نهداك

سلام
كثير من الجنس المعاد
والصياغة متأخرة

سلام
دعي دمي يجفُّ
قبل أن تعجني التراب

سلام
المتنبي يناجي قصيدة
فرَّت في قطار سريع

سلام
أبعد مدينة إلى نفسي
نصفها صلاة و نصفها متعثِّر

سلام
عليكِ السلام.
السيد يقف حيث ما يريد
يتظلل بأغصان الزيتون المثقلة
لا يأسف على ما رحل منه
لانه اكتسب نقصانا ً ينقصه

على غيمة مات القمر من الم في نوره


الشمس تشرق من مكان واحد
لكن النور يهدد كل الزوايا


حقيبتي حزمتها كي لا تبكي دفاتري

شرد خط النور في نفس بطول كلمة .

كلام سهل 4

سأعلّق صباحي قرب شفرة الحلاقة,
ليشرب النوم قليلاً من قليل موتي

سهواً 6

لم ترَ ملاكاً فقط كلاب تتناهش بقايا دائرة الطبشور حيث رسمت جسدها

سهواً 5

غسلت دموعها بشتاء قليل ورمت في البحر جثة تشبه جسدي

سهواً 4

ظنّت أن الشعر يُكتب ليُقرأ, بعد أن عضّت أذني

سهواً 3

تفتت موتها في يدي جرعة واحدة

خائفة

جلست وبكت موتها خلف أبوابه,
جلست وكتبت نفسها لنفسها...
كان يغمض عينيه ليرى موجها يبتلعها..
.كان يغمض عينيه ليبتلع نفسه.

من كثرة الحب والحقد

لم تسمع نفسها
أرادت أن تموت
لكنها عادت وسكتت...
نفس من دون نفس وكلمات من دون جسد
أموات بلا رائحة وطعم بلاحدائق معلّقة
كانت قد مرّت مراراً فوق سريري
كسرت رقبتي
وشمّت بشغف رائحة العفن في ذروة الأحاسيس..
.وانتظرت انتظرت لترى
هنا أشق صدري لتخرج السنابل الى ريحها
ليتغير شكل المرآة في وجهي
ليموت كلامي في صخب فنجان
في قدح شاي
في موت يتأمل التجاعيد في ما سوف يأتي من وجهي
لم تعلم أنّه هنا صلب المسيح عن يميني
لم تعلم أنّه ما كان لها ينمو تحت أظافري
وأن أوراقي البيضاء تتفرّس في وجهها
لتشق فرجها بصدى يجعل القشعريرة تمرّ في بدن الجبل
لم تعلم أنها هنا حاصرت مدينتي وكسرت كؤوسي جمعاء
ولم تعلم أنني سأبقى وحدي
جالساً مثل منفضة
لأرى غبار حبّها يتأرجح
على فرشاة الأسنان
على قصائد أيلويارد(eluard)
وعلى كلام الأنبياء باعة اليناصيب
لم تعلم أنّه هنا ستتفتت الأحلام كي لا تعود الصور الى الوراء
ستتفتت كوهم
ستتفتت من كثرة الحب والحقد

مطر دافئ كقليل من اللادموع

أمطرت علينا مرّة كاملة
رسمت على شفتينا قليل الكلام
رسمت مهلَ الزيتون, مَهل سقط على مهلٍ
ولوّنت وتلوّنت
وأشرقت وأمطرت
أمطرت علينا لتقول لنا أن لنا عند وجهها مطر
أن لنا عند وجهها شمس
أمطرت لتخرج الفراشات إلى ألوانها,
لنتلوّن وتتلوّن
أمطرت ثم عادت وسكتت وابتسمت
تذكرت بفرح أن الأحلام لا تستأذن السماء لتمطر
بصمت,
سأحبك بصمت لأن لا سماء لديك تتسع لطيفي
سأحبك بصمت المراهقين
بصمت المتعبين
بصمت الذين تكلّموا
سأحبك بصمت لأنك لن تسمعي
لأنهم سيسمعون
سأحبك بصمت لأن لا ألوان سوى الأبيض لأحلامي
لأن أحلامك صامتة
سأحبك بصمت
لأنّك صمت يلفّني
لأنني أسمع صدى صمتك
لأنني أسمع ولا أريد
شكراً للهجر, كان لا بدّ من أن أحيا حياة تشبهني

الأحد، ٣١ آب ٢٠٠٨

كنت لا أراني(2)

الحرارة الأخيرة,
سجني الانفرادي.
الحزن يحاول اغتيالي ,خنقي.
ألتّف عليه
على نفسي
أذوب
أمطر
لا ربيع يتظلل في فيء قنينتي
لا درج يعود إلى السماء
قتلته مرّة واحدة
حين كان نائماً و في يده باقة زنبق
لا أسمع نفسي
على الموت علّقت كلمات سحرية
و اختزلت الأغنية ببسمة,
طرقت شفتيها
داعبتها
حملتها
عدتها
دخلتها...
هطل المطر
هطلت يديها
بقيت هناك قرب القطار المهجور
قرب النوافذ المخلّعة
قرب عريها في عينيها
قرب عشبها الأزرق.
أردت أن أتابع التحليق
حملتها كسرير في تلك الغرفة,
على الطاولة صورة
و جهاز
و أغنية
وقميص
و قصّة
و أسلاك.
النور الذي يحددني
أذهب إليه من جسدي
إلى قبلة من عمر زهرة متفجّرة
إلى حيث لا حاجة لي
سأموت غداً
أو بعد غدٍ
سأوضع في صندوق أبيض
ستهلل لي نساء كثيرات
ستنتحب أمّي
ستهذي
ستعيد كلاماً لا تفهمه
سأموت غداً
أو بعد غد
ستقف على سياج الكنيسة حبيبتي
و سترى الغسق يمتّد في شرايينها
و لن تفهم شيئاً,
سيلاحقني شرودي
و ستمطر على راحة يدي ضوءاً.

عاد المساء,
ذهبت
بكيت
رفعت رأسي إلى السماء
و قررت أن أنام.

كنت لا أراني(1)

الشمس,
كلّ الشتاء الذي لم يكن,
حدود الغيم.
قال:
أنا شبه إنسان
رايات كثيرة من الفرح و من الأسى
أنا حرُّ في نفسي ,
في غيبوبتي و في أرقي.
أنا القاهر الضعيف المستسلم
من أوّل رصيف مشكّل الألوان
من جوانب اللهب و العشق و القصص المبتورة
من أساورها
من خيوط الملل
و ذلك الذي قال كن تشريناً في عروق النبيذ
كن سحراً في دفاتر المطر
من حدود سحابتي
و ألوان جناحي و رجفة يدي
من أحلام متفتتة على مائدة أمي
على رسم الفتاة بين يديها
على قمر امتلأ دماً و رحل في الموسيقى
من مرارة الخيانة
من المرارة
من وجع في عضلات القلب
تاريخ محتَّم يعيدني إلى حيث أنا ولدت
وفي يدي صورتي
و قربي شقائق النعمان و معجم البكاء.
من أبواب لا تطلُّ على ساحات العظماء
من سراب يدلّني على الطريق
من جمع مؤنَّثٍ سالم فوق قبعة جندي
من حركة لا إرادية
و تناثر الرماد و الشهقة التي تولد في أسفل البطن
من نجاسة القصيدة
و مختلف طرق استعمال الورقة النقدية
من تفتت العظام
من الدفء المكرر.
البكاء الصلب , الدمعة تغتال يدكِ
من عقمك في جسدي
من جسدي في خصوبتك
من تحولّي إلى ذرّات مفردات
من لا شيء.

كلام سهل 3

قالوا لها أنّه مات
حملت زهرته
عانقت ريحاً كثيرة.


الآن ينشّق رداء السماء
يسقط البلّور في يدي
تعودين حلماً.


أمرّ فيك
ألامس ما أحسست به
عند أسوار الحديقة
عند نهاية خيط الذهب.


صوب الموت
تهت في طريق العودة
النور يخفت بعيداً في البحر
يرقص
النور يبتلعه البحر.


مرّت بخاطرة الليل شياطين قدميك
عودي كشرود الصلاة
ارسمي بفمك نزول البَرَد على زهر الكرز.

كلام سهل2

الحب إكليل يصنعه ملاك الموت كلّ ما رأى وجه حبيبته.


ارحل,
ارحل مرَّةً كاملة
و اترك القمر يملأ الشتاء.
أو عد,
عد مراراً
كالنوم بعد الشعر في فراغ الخمرة.


الليلة أنا قطرة الماء الوحيدة
التي تزنِّر خدَّكِ بالبركان.


أغمضتِ عينيكِ,
فامتزج الألم بالجنس
سراباً
مثل التواء السنابل عند نشيد الحديد.


قلت لها
سماؤك ِأوسع
فاتركي قصيدتي بلا جناحين
أعرف كيف أموت.


أشتاق إلى رؤية عينيك,
تصبح غربتي مالسة مثل صخور برت الزمن
و استفاق فيها حلم الغزاة
من كثرة الضجر.


تخيّلي ,
أنَّ لليلِ جسد
و نهدان يشقّان دائرة الاختناق,
تصبحين.


أعطيك جسدي
لترحلي فوق نجمة باكية,
أعطيك البكاء فأحيا في نجمتك.


التقيتك صدفة,
كنت تجرّين النار إلى كؤوس فارغة
كنت تصنعين للطفل معجزة خلف أساور السهر.

كلام سهل

فوق التربة الحمراء
رأيتك امتدادا لأناشيد غربتي
رأيتك كلِّ البحر
رأيتك تغسلين يدَيك.


زرقاء زرقاء مثل نار القدّيسين
المطر لحنك
المطر زهرة شمسك.


أريني يديك.
كي أرى يديك,
يلزمني سماء جديدة
يلزمني أن تغمضي عينيك
كي أرى يديك,
يلزمني بعض الدم في العرق الأخير.


احمليني دمعة في راحة يدك
ترين وجهك فيها
ترين بعض الله


أنا و أنتِ زهرة واحدة
أنتِ خيال غيمٍ
أنتِ غسق يضّم شتاء.

أنا و أنتِ زهرة واحدة
أنت أنشودة صيفٍ
أنت ثلجٌ يبعثرُ النور.
للحصى,للماء,لرغوة البحر,للسكر,للهواجس الشخصية,للحصى,للماء...


كانوا يعجنون صخرة كأنًّها امرأة
وبشرارتها يقدحون عين الله
لم تحصل المعجزة
علًّقوا سماءَهم
أحرقوا بيوتهم
ثم ناموا مطمئنين لا يملكون شيئاً.


لا تنامي من خشب الأرز سأصنع حطباً لشتائنا
لا تنامي لن نأتي إلا مع المطر الخجول مثل الأجساد الفانية.


نزف من شفتيه وهماً لها
حديقة أوسع من ذاكرة
نيسان فيها
نيسان ينسى
علبة أوسع من زهرة أفيون
حقلة خضراء
ثديها تراب


يلمع كلّ القمر ما بين عينّها و خدّها
رغم أنّها قصيدة ليلية.


مرٌّ للحظة الأيّام المتفككة
مرٌّ لأيام لا تلحظ تفككها
رؤوسٌ يمتلكها موتي
و أنا أكسر العرق بفكرة
ثُم ذلك البرد ما زال,ما زال.


الشمس تشرق من مكان واحد لكن النور يهدد كلّ الزوايا.


هنا يدور الحديث أخرس كفيء الشجر,
يتكلّم الضوء و لا يطال كلّ المساحة.

صلاة الساحرات.(1)

لا تدع الكأس تجفّ, هنا صمت لولبي لا زوايا له
فلا تدعني أغرق
لا تدعني أسكر.
(بداية الصلاة)

خرجت كلّ الساحرات واحرقت المدينة
خرجت الساحرات
خرجت لتحرق المدينة
بالأبيض, بالأحمر, بالأسود
بالنهود المشدودة
بالأيدي المشبوكة خوفاً ووجلاً
بلسان في أذنها
بلسان بلا كلامها
خرجت الساحرات
خرجت لتحرق المدينة

السيارة متوقفة في الخارج
السيارة بلا جسد,
السيارةأغلى من سائقها
السيارة سوداء, السيارة تركبها بأسلوب الجنّ كل الساحرات

أبيض بلا أبيض عليه
جنس بلا ثلج فوق حلمة النهد
شجرة بلا أوراق لتتعرّى
لم تخرج الساحرات
لم تحرق المدينة

جائع واسناني في كتفك كوجع الشارع المظلم
كالأسنان في كتف
كالأسنان في ذروة السكر
كالأسنان في كثير من الشهوة
كالأسنان البيضاء في وجه نصف ملاك وربع انسان وامرأة كاملة

لم تخرج الساحرات
لم تحرق المدينة
في يد تحمل رجلاً
وينظرالرجل الى نفسه
حاملاً يده
يده لا تحمله
لتمتد الظلمة كصدور العاهرات
ليسقط الرمل عن نفس منقطع

لتخرج الساحرات
لتخرج الساحرات
لتحرق المدينة
لتحرق المدينة.